ثم قال: "فصل، فهذا أصل مختصر في (مسألة الأسماء)" يعني ما يتعلق بالأسماء؛ متى يسمى المرء مؤمناً أو يسمى كافراً أو يسمى عاصياً أو يسمى فاجراً.
يقول: " وأما (مسألة الأحكام) وحكمه في الدار الآخرة، فالذي عليه الصحابة ومن اتبعهم بإحسان وسائر أهل السنة والجماعة: أنه لا يخلد في النار من معه شيء من الإيمان، بل يخرج منها من معه مثقال حبة أو مثقال ذرة من إيمان" وهذا قد تقدم.
ثم يقول: "وأما الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة، فيوجبون خلود من دخل النار، وعندهم من دخلها خلد فيها، ولا يجتمع في حق الشخص الواحد العذاب والثواب.
وأهل السنة والجماعة وسائر من اتبعهم متفقون على اجتماع الأمرين -حصول الثواب من جهة والعقاب من جهة- لأن الإيمان يزيد وينقص؛ ولأن الإنسان يطيع الله في أمور ويعصيه في أمور، فيأتي ببعض شعب الإيمان مع إتيانه ببعض المعاصي، فيستحق اللوم والعقاب من جهة كما يستحق المدح والثواب من جهة أخرى".
قال: "(وأيضاً): أهل السنة والجماعة لا يوجبون العذاب في حق كل من أتى كبيرة، ولا يشهدون لمسلم بعينه بالنار لأجل كبيرة واحدة عملها؛ بل يجوز عندهم أن صاحب الكبيرة يدخله الله الجنة بلا عذاب، إما لحسنات تمحو كبيرته منه أو من غيره"، يعني كمن كان له حقوق على الناس أو له ولد صالح يدعو ويستغفر له، ويدخل في ذلك أيضاً الشفاعة، فقد يشفع له من لا يعرفه، ومن ليس بينه وبينه قرابة، وليس عليه حق؛ كإنسان صالح يشفعه الله سبحانه وتعالى في مجموعة، وهناك رجل من هذه الأمة يشفع في مثل مضر، فهذا من نعم الله ومن رحمته، فالمقصود أنه قد يدخل الجنة بحسناته أو بحسنات غيره.
قال: "وإما لمصائب كفرتها عنه، وإما لدعاء مستجاب منه أو من غيره فيه" أي: قد يكون ذلك بسبب دعائه لنفسه أو دعاء غيره له، فيستجاب للدعاء في الحالين، قال: "وإما لغير ذلك".